ملحوظة : هذا الموضوع يتكون من ثلاثة أجزاء :
مدخل عام :
مدخل عام :
قضية الربا قضية أسالت الكثير من المداد سواء من
طرف عقول السلف أو الخلف، واختلف فيها الجهابذة قبل عامة الناس.
والكلام عن الربا بموضوعية يقتضي عدم انتقاء النصوص أو الآراء التي توافق
أهواءنا وأحكامنا المسبقة كما هو الحال بالنسبة لما يقع حول الفتاوى التي ينتقيها
بعض الناس أو أغلبهم خلال بحثهم في قضية فقهية معينة.
فأي دراسة عقلانية منطقية نريدها أن تكون صائبة لا بد وأن تنبني على قواعد علمية
متفق عليها وليس على آراء أو أفهام تتحول بقدرة قادر إلى مسلمات لا جدال فيها.
في عصرنا الحالي ، كثيرا أو في الغالب ما يتم وصف الأبناك أو المؤسسات المالية بأنها ربوية في معاملاتها.
وهذا الوصف راجع طبعا لمفاهيم موروثة ومتلقاة بطريقة سطحية من طرف عامة الناس
خيل لهم أنها كذلك.
وفي هذا الكلام كثير من المغالطات الناتجة عن جهل بالمعاملات المالية من جهة،
وبمفهوم الربا من جهة أخرى، والذي ما زال لحد الآن فيه الكثير الضبابية تم تأسيسه
على أفهام موروثة مرتبطة أساسا بالتاريخ وليست مبنية على منهج علمي متين.
قبل كل شيء، يجب أن نؤكد على أولية أساسية، وذلك قبل
أن يكون القارئ حكما متسرعا ويرفض مسبقا المفهوم الذي سنحاول أن نؤسسه، كما يقع
كثيرا بسبب المقاومة التلقائية التي تتكون ضد كل جديد وضد كل محاولة للتغيير، هذه
الأولية هي أننا لا نجادل في حرمة الربا في الإسلام، فلا يمكن لأحد أن يشكك في ذلك، فالمشكلة إذاً ليست في حرمة الربا بقدر ما هي في تصنيف معاملة مالية هل هي ربا
أم لا.
فقهاؤنا الأفاضل على مر العصور انطلقوا من مفاهيم قديمة لتعاملات أقدم، وحصروا الربا داخل مفهوم واحد (وإن عددوا أنواعه) وأوصدوا الباب بإحكام.
نحن الآن أمام معاملات مالية متعددة بعضها لا علاقة له بالربا والبعض الآخر يمكن يختلط فيه ما هو ربوي وما هو غير ربوي.
ما يجب أن ينكب عليه العلماء والباحثون والمتخصصون هو تحديد ما هو ربوي وما هو غير ذلك، وهذا ما سننكب عليه ونجتهد فيه هنا بحول الله.
والمصيبة أننا نفتقر إلى فقهاء مزدوجي الاختصاص، أي ذوي التخصص العلمي ثم التخصص
الفقهي.
وكان هذا هو الدافع الأساسي لانطلاقي في الأبحاث والدراسات الإسلامية التي
أحاول أن أقدمها بطابع مجدد وعقلاني متوافق مع تخصصي العلمي.
بالإضافة إلى أنه لا يتأتى أي بحث أو دراسة إلا من خلال تبني منهجية علمية
متفق عليها، وعندما يكون البحث في قضية دينية لابد وأن نعتمد القرآن كمركزية
مرجعية بالأساس ومهيمنة على كل موروث، وهذا في حد ذاته موضوع مستقل بنفسه.
سنحاول في هذه الدراسة المتواضعة أن نؤسس لمفهوم جديد أو متجدد للربا من خلال
تحقيق مقاربة علمية وعقلانية لما أتى به القرآن الكريم مع ما ورد في التراث ثم
بالتالي استنباط مفاهيم أكثر واقعية وأكثر
مطابقة لمقاصد شريعتنا السمحاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك، وكن من المتفاعلين...