الجمعة، 22 فبراير 2013

الحنيفية وما أدراك ما الحنيفية


بسم الله الرحمن الرحيم :

هذا المقال يأتي كرد على ملاحظات متكررة ومستمرة بمحاولة لتحريف مفهوم الحنيفية كما أتى به الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم.
وهو موجه لكل من يستعمل مفهوم الحنيفية، أو بالأحرى من يسيء استعماله لغرض اثبات عقيدته الناقصة، واعتبارها داخلة في نطاق الإسلام الذي يدعى إليه كل خلق الله.
وهو يأتي في وقت تحاول فيه بعض التيارات الشاذة أن تلتصق فيه لإبعاد الضلال عن معتقداتهم أو بعضها.
وهذا الكلام وللتأكيد لا علاقة له لا بفكر سني ولا بفكر شيعي ولا بفكر مذهبي أي كان .
وإنما كلام مستنبط من دلالات كتاب الله الذي يتوحد حوله جميع المسلمون على الأقل نظريا.

فبخصوص الحنيفية نقول :
لغة :
حنف: مال، وحنف رجله: جعلها حنفاء،
 وحنف اعوجت رجله إلى داخل فهي حنفاء،
وحوانف - الحنفاء: القوس، وهكذا، ونستنتج من كل ذلك أن معنى "حنف" هو "مال".
وإذا استعرضنا كلام الله تعالى بخصوص الحنيف نجده مرتبطا بعدم الشرك والإخلاص لوجه الله تعالى، ومرتبطا أساسا بالنبي ابراهيم الذي كان يدعو قومه أساسا إلى الابتعاد عن عبادة الأصنام.
وبالتالي يمكننا استنباط المفهوم اللغوي لكلمة حنيف والقول أنه مائل عن الشرك وعن عبادة ما سوى الله.
ونأتي على المعنى القرآني والذي يهيمن على المعنى اللغوي الذي لا يتناقض معه كما أسلفنا الذكر.

الحنيفية مبدئيا هي ما يشترك فيها الموحدون بالله منذ خلق آدم إلى يومنا هذا، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها.....

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 

فيمكن القول أن الحنيفية هي الإخلاص في عبادة الله الواحد الأحد :
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

و هي الإيمان بالله وحده لا شريك له واعتبار كل أعمال الإنسان خالصة لوجه الله على أساس ذلك :
ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ

وبالتالي فيمكن تلخيص القول واعتبار الحنيفية هي الخاصية الأساسية للدين الإسلام الذي يجعله خالصا لوجه الله.

وإذا تساءلنا التساؤل التالي :
هل حنيفية ابراهيم دين كامل مكتمل أم هي خاصية لإسلام إبراهيم ؟؟
وهل ملة ابراهيم هي الدين أم أن الدين الإسلام لم يكتمل إلى على عهد الرسالة المحمدية ؟؟؟؟
قلنا  أولا أنه يخطئ من يقول دين ابراهيم !!!
فليس هناك دين ابراهيم ودين موسى ودين عيسى...
بل هناك دين واحد، وملل وديانات كثيرة.
ونقول بالتالي أن هناك ملة ابراهيم التي من الواجب اتباعها وهي ليست كل الدين.
وفي كل عصر نبي ورسول تكون هناك حنيفية حسب الملة وليس حسب الدين.
فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
فلكل أمة ملة، ولكن ليس هناك إلا دين واحد هو الإسلام.
والدين لم يكتمل إلا في عهد محمد (ص) :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا 
وهذا الإسلام لا يقبل غيره بعد ان انتهت الرسالات السماوية :
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ 

كلام جميل أن نعتبر أنفسنا مسلمين حنفاء.
وكل مسلم هو بالضرورة حنيف، ولكن هل كل حنيف هو مسلم ؟؟؟؟
طبعا كل حنيف مسلم وليس كل مسلم حنيف.
فالإسلام شيء والحنيفية شيء آخر، كما أن الإسلام شيء والإيمان شيء آخر.
واختصارا للقول ودون إطالة مملة نقول :
إن الحنيفية مرتبطة بإيمان قلبي يشترط فيه النية الخالصة لوجه الله.
فهي إذن خاصية الإسلام الأساسية التي يعرف بها إخلاص نية المسلم تجاه ربه.
ولا يعلم ذلك إلا الله سبحانه وتعالى.
وعلى أساس ذلك ، لا علاقة للحنيفية لا بأفكار تيار ولا بآراء مذهب ولا بعقائد جماعة معينة.
فليس هناك احتكار للحنيفية كما أنه ليس هناك احتكار للإيمان.
إن الحكم إلا لله.
وتحية للعقلاء الطيبين.

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله خيرا يا أخ وديع و جعلها الله لك فى ميزتن حسناتك

    ردحذف

شارك برأيك، وكن من المتفاعلين...